هل التخلص من العادات السيئة ممكن يا ترى؟!
كثيرة هي تلك العادات الّتي تتسلّل إلى مساحة سلوكنا، وتصير جزءا متأصّلا في النّفس يصعب اقتلاعه، نحن على يقين عقليّ تامّ بأنّ تلك العادات السّيّئة تدمّر شيئا ما فينا، شيئا في أجسادنا كما لو كانت التّدخين أو إدمان الكحول أو مشاهدة الإباحيّات، تدمّر شيئا في نفوسنا كما لو كانت سوء الظّن والتّشاؤم والسّلبيّة، تدمّر شيئا في عقولنا كما لو كانت إدمان الألعاب الإلكترونيّة.. وغير ذلك الكثير
إنّنا لنعلم علم يقين بأنّ حياتنا لن تتقدّم إلى الأمام ما لم نتعلّم كيفيّة التخلص من العادات السيئة الّتي تتحكّم في سلوكنا؛ والّتي تضرّ بصحّتنا وسعادتنا و إنتاجيّتنا وعلاقاتنا مع الآخرين، نعم أصدقائي قد نكون مدركين تماما لخطورة هذه العادات، ولكنّنا نجد صعوبة بالغة في التّخلص منها، أو قد نكون غير مدركين لها ولأضرارها على حياتنا، لذا وفي كلتا الحالتين يجب علينا أن نسعى للتّغيير والتّحسّن والتخلص من العادات السيئة التي تعيق إنجازاتنا وأهدافنا.
اقرأ أيضا ما أهمية صنع الإنجاز الشخصي في الحياة؟
أهلا بكم عشّاق المعرفة وزوّار مدوّنة إنجازي الكرام مع مقال جديد مفيد، وتقرؤون معنا:
أولا: ما هي العادات السّيّئة؟ ولمَ يجب التّخلّص منها؟
العادات السّيّئة هي تلك التّصرّفات أو السّلوكيّات الّتي نمارسها بشكل متكرّر وغير واعٍ، والّتي تؤثّر سلباً على صحّتنا ونجاحنا وسعادتنا، ويمكنُنا سرد بعض الأمثلة على العادات السّيّئة كالتّدخين، والإفراط في تناول الطّعام، التّأخّر، التّسويف، الشّكوى، الانفعال، الإدمان، قضم الأظافر، الإكثار من الكافيين، الخجل، العادة السّريّة، السّهر، الألعاب الإلكترونيّة.. إلخ.
هذه العادات قد تبدو صغيرة أو بسيطة في البداية، ولكنّها تتراكم مع مرور الوقت وتصبح جزءاً من شخصيّتنا وهويّتنا، وبالتّالي فإنّها تحدّ من قدراتنا وإمكاناتنا وطموحاتنا، وتجعلنا نفقد فرصا كثيرة في الحياة.
لذلك فمن المهمّ جدّاً التخلص من العادات السيئة، وأن نستبدلها بعادات جيّدة تدعمنا في تحقيق أهدافنا وأحلامنا وإنجازاتنا، ويقع على عاتق كلّ فرد منّا مسؤوليّة العمل على التّخلّص منها، وبناء عادات إيجابيّة تساعده على تحقيق النّجاح والتّميّز والإنجاز في الحياة.
ما رأيك أن تلق نظرة على معوقات الإنجاز الشخصي أيضا؟
ثانيا: كيف تنشأ العادات السّيّئة في حياتنا اليوميّة؟
ببساطة تنشأ العادات من التّعوّد، فكلّما اعتدنا ممارسة سلوك معيّن كلّما تعرّضنا لخطر أن ينتقل هذا السّلوك ليصبح عادة، وذلك لأنّ أدمغتنا خلقت وهي مبرمجة على تحويل كلّ روتين يوميّ لعادة، لأنّ ذلك يتيح الرّاحة للدّماغ في كثير من الأحيان، وبهذه الطّريقة فقط يتمّ توفير طاقة الدّماغ، والسّماح له بالتّوقّف عن التّفكير المستمرّ حول السّلوكيّات الأساسيّة الّتي نمارسها كي يتمكّن من تكريس أفكارنا لأشياء أكثر تعقيدا، ولكنّ المشكلة الحقيقيّة تكمن في أنّ العقل لا يمكنه التّفريق بين العادة السّيّئة والجيّدة، لذا فإن تخلّقنا بعادة سيئة يوما ما، فستبقى دائما بانتظار العظة والتّصحيح، ويزداد الأمر خطورة كلّما كان لتلك العادة السّيّئة عواقب سلبيّة على الصّحّة البدنيّة والعقليّة والعاطفيّة والاجتماعيّة.
ثالثا: ما أشهر العادات السّيّئة الّتي تعيق تحقيق الإنجاز في الحياة؟
ثمّة العديد من العادات السّيّئة الّتي يمكن أن يمارسها النّاس، وتختلف هذه العادات من شخص لآخر ومن ثقافة لأخرى، ومن بين العادات السّيّئة الشّائعة الّتي يمارسها كثير من النّاس، يمكن لنا أن نسوق لكم ما يلي:
1- التّدخين: وهو يعدّ من أشهر العادات السّيّئة الّتي يمارسها النّاس حول العالم، ويسبّب العديد من الأمراض والمشاكل الصّحّيّة وصولا إلى الوفيات.
2- قلّة النّوم: حيث يعاني الكثير من النّاس من قلّة النّوم بسبب الضّغوط اليوميّة والأنشطة الاجتماعيّة.
3- تناول الأطعمة غير الصّحّيّة: حيث يتناول الكثيرون الأطعمة الغنيّة بالسّكريّات والدّهون والملح والّتي تسبّب العديد من المشاكل الصّحّيّة.
4- التّسويف: حيث يؤجّل الكثيرون الأعمال والمهامّ الّتي يجب عليهم إنجازها، ويؤثّر ذلك على الإنتاجيّة وتحقيق الأهداف.
5- الإفراط في تناول المشروبات الكحوليّة والمنبّهات: حيمارس الكثيرون تناول المشروبات الكحوليّة بشكل زائد ويتسبّب ذلك في العديد من المشاكل الصّحّيّة والاجتماعيّة والرّوحيّة.
6- الإفراط في استخدام وسائل التّواصل الاجتماعيّ: حيث يستخدم الكثيرون وسائل التّواصل الاجتماعيّ بشكل مفرط، ويتسبّب ذلك في الإدمان والعزلة الاجتماعيّة.
هل تعرف كيف تتخلص من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، هيا بنا نلق نظرة؟
7- الإسراف في الإنفاق: حيث يقوم الكثيرون بالصّرف الزّائد وعدم القدرة على إدارة المال بشكل صحيح، ممّا يتسبّب في الدّيون والمشاكل الماليّة.
8- إهمال ممارسة الرّياضة والنّشاط البدنيّ: حيث تعتبر قلّة الحركة والنّشاط البدنيّ من العوامل المؤثّرة في الصّحّة العامّة والعافية النّفسيّة والجسديّة.
9- الجلوس لفترات طويلة أمام الحاسوب أو التّلفاز: يعدّ التّسمّر أمامهما عادة سيّئة تؤثّر على الصّحّة، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض مختلفة.
10- الشّكوى والتّذمر من الحياة وعدم التّفاؤل والإيجابيّة: كلّ ذلك من العادات السّيّئة الّتي تؤثر سلبا على الصّحّة النّفسيّة والعلاقات الاجتماعيّة، والأداء العمليّ، وتحقيق الأهداف.
11- العادة السّريّة وإدمان الإباحيّة: وهما من العادات الّتي تؤثّر بشكل سلبيّ على الصّحّة النّفسيّة، والعلاقات الاجتماعيّة وتخريب الحياة الجنسيّة الزّوجيّة الحميميّة.
12- الكذب والتّزوير والغشّ: وهذه أيضا من العادات الّتي تؤثّر على الثّقة والمصداقيّة وتسبّب مشاكل عميقة في العلاقات الشّخصيّة والعمليّة بين النّاس وتعيق إنجازاتهم.
رابعا: ما أهم الخطوات اللّازمة من أجل التخلص من العادات السيئة وإحداث التّغيير الإيجابيّ في حياتك؟
نعم قد يكون السّؤال الّذي يدور في أذهانكم هو:
هل هناك طرق فعّالة ومجرّبة لتغيير عاداتنا السّيّئة؟ وهل هي مستحيلة أو صعبة للغاية؟ الجواب: بالتّأكيد لا، فهناك طرق فعّالة ومجرّبة لتغيير سلوكيّاتنا وتحسين حياتنا، فإليكموها:
1- حدّد عاداتك السّيّئة: لا يمكنك أن تغيّر ما لا تعرفه، لذلك عليك أوّلا أن تكتب قائمة بالعادات السّيّئة الّتي ترغب في التّخلّص منها، وأن تحدّد متى وأين وكيف تمارسها، وما هي المشاعر أو الظّروف الّتي تدفعك إلى ذلك، وما هي تأثيراتها على حياتك؟ هذه الخطوة ستساعدك على زيادة وعيك بالمشكلة وأبعادها وأسبابها.
2- افهم سبب عادتك السّيّئة: لكلّ عادة سيّئة سبب أو دافع يجعلك تقوم بها، قد يكون هذا السّبب نفسيّا، مثل شعور بالضّغط أو الملل أو القلق، أو جسديّا، مثل:
الرّغبة في الحصول على المتعة أو تخفيف الألم..
حاول أن تحدّد متى وأين ومع من ولماذا تقوم بعادتك السّيّئة؟ اسأل نفسك:
متى بدأت هذه العادة؟ ماذا يحدث قبل أن تقوم بها؟ كيف تشعر عندما تقوم بها؟ ماذا يحصل بعد أن تقوم بها؟ يجب أن تفهم كلّ الأسباب الّتي دفعتك إلى ممارسة هذه العادة السّيّئة وما الّذي يجعلك تشعر بالرّضا أو الرّاحة من خلالها.
3- ضع خطّة عمل محدّدة للتّخلّص من هذه العادة: بعد تحديد الهدف الأساسيّ، يجب عليك وضع خطّة عمل محدّدة وواضحة تحتوي على خطوات يمكن اتّباعها لتحقيق الهدف، يمكنك البدء بخفض عدد المرّات الّتي تقوم بها بهذه العادة في الأسبوع وتدريجيّاً زيادة الفترة الزّمنيّة بين كلّ مرّة.
4- ابدأ بالبسيط وانتقل إلى المُعقَّد: لا تحاول أن تغيّر كلّ شيء في ليلة وضحاها، فهذا قد يؤدّي إلى الإحباط والانكسار، بدلاً من ذلك اختر العادة الّتي ترى أنّها أكثر إزعاجا أو ضررا لك وابدأ بها، عادة واحدة أو اثنتين في المرّة الواحدة، وابدأ بالأسهل عليك، ثمّ انتقل إلى الأصعب تدريجيّا، كما أنّه من المستحسن أن تضع أهدافا قصيرة المدى ومحدّدة وقابلة للقياس، مثل: “أرغب في التّخلّص من عادة التّدخين خلال شهر” أو “أرغب في خفض استهلاك السّكّر إلى نصف كوب يوميّا”.
5- ابحث عن بديل صحّيّ لعادتك السّيّئة: بعد أن تعرف سبب عادتك السّيّئة، يمكنك أن تبحث عن طريقة أخرى لتحقيقها فعلى سبيل المثال:
إذا كانت العادة السّيّئة هي تناول الطّعام غير الصّحّيّ، فيمكن للشّخص التّخلّص منها عن طريق تناول الأطعمة الصّحّيّة، مثل الخضروات والفواكه والبروتينات الصّحّيّة، كما يمكن للشّخص أن يحاول تناول وجبات صغيرة ومتعدّدة على مدار اليوم بدلاً من الوجبات الكبيرة والغنيّة بالدّهون والسّكّريّات.
6- قم بدمج تلك البدائل الصّحّيّة في حياتك اليوميةّ وحاول الحفاظ عليها: من خلال تكرار البدائل عدّة مرّات ولفترات طويلة، سيتحوّل البديل إلى عادة جديدة ويحلّ محل العادات السّيّئة القديمة الّتي تريد التّخلّص منها، فعلى سبيل المثال:
إذا كنت ترغب في التّخلّص من عادة التّسويف، يمكنك أن تقسّم العمل إلى مهامّ صغيرة ومحدّدة، وتحديد مواعيد لإنجازه، وهو ما يمكن أن يساعدك على زيادة الإنتاجيّة وتحقيق الأهداف بشكل أفضل.
7- تحديد الموعد النّهائيّ للتّخلّص من هذه العادة: يجب عليك تحديد الموعد النّهائيّ الّذي ترغب فيه بالتّخلّص من هذه العادة السّيّئة، والعمل بجديّة على تحقيق هذا الموعد.
8- تهيئة الأجواء المناسبة لاكتساب العادات الجيّدة: إذا كان هناك شيء محفّز للعادة السّيّئة في محيطك، فحاول أن تزيله أو تبتعد عنه، مع العمل على إنشاء بيئة مشجّعة ومحفّزة للتّغييرات الإيجابيّة الّتي تنوي القيام بها مثل:
الحصول على الدّعم الاجتماعيّ والنّفسيّ والعلميّ، وتطوير الوعي والإدراك، ومنح نفسك المكافآت عند تحقيق الأهداف.
ما رأيك أن تقرأ أيضا عن محفزات الإنجاز الشخصي في الحياة، فكلنا بحاجة ماسة للتحفيز.
وفي النّهاية:
يجب تذكّر أنّ على الفرد أن يكون صبورا ومستمرّا في جهوده، حيث قد تستغرق العمليّة بعض الوقت والجهد، ولكن مع التّركيز على الهدف، وتحديد خطّة عمل واضحة، يمكن لأيّ شخص تغيير سلوكه وتحسينه لأنّ التخلص من العادات السيئة الّتي تعيق إنجازاتنا يتطلّب منّا الإرادة والعزيمة والتّصميم على تحقيق التّغييرات الإيجابيّة في حياتنا، وبتطبيق الخطوات المذكورة أعلاه يمكنّنا التخلص من العادات السيئة والوصول إلى النّجاح والإنجازات الّتي نطمح إليها.
والآن أيّها الرّائعون، لقد وصلنا إلى المحطّة الأخيرة، كيف وجدتم هذا المقال؟
شاركونا آرائكم في مربّع التّعليقات أدناه
وإلى اللّقاء مع غد تعانقون فيه أهدافكم وتحققون فيه إنجازاتكم.
لكم تحيّات فريق عمل إنجازي
بقلم صديق المنجزين:
أ.أشرف القسطيّ.