تجنب الإلهاءات في العمل …هل سبق وأن انتهى يومك دون أن تنتهي من إنجاز مهامّك؟!
كلّنا ذلك الرّجل يا عزيزي
إنّه لشعور سيّء أن يمضي الوقت بسرعة وأنت لم تعد تدري كيف ستنجز مهامّك؟
ما الّذي ستقوله لمديرك في العمل يا ترى؟
والآن قبل أن تفكّر باختلاق الأكاذيب
دعنا نسأل أنفسنا -يا صديقي- ما هي المشكلة الّتي حدثت معنا؟!
وكيف نستطيع التّغلّب عليها حتّى لا تتكرّر؟
في عالمنا المعاصر، يواجه العديد من العاملين تحدّيات في التّركيز على مهامّهم وأهدافهم بسبب وجود العديد من الإلهاءات الّتي تشتّت انتباههم وتقلّل من إنتاجيّتهم، وهذه الإلهاءات قد تكون داخليّة أو خارجيّة، وقد تتعلّق ببيئة العمل أو بالحالة النّفسيّة أو بالعلاقات الشّخصيّة أو بمنتجات التّقنيّة وسوء تنظيم الوقت، كما يمكن أن تنشأ الإلهاءات عن عدّة عوامل أخرى مختلفة، مثل: الضّوضاء، العمل الرّوتينيّ المملّ، الأسلوب السّيئ في التّنظيم، والمحادثات غير الضّروريّة مع زملاء العمل .. إلخ.
اليوم في هذا المقال سوف نناقش بعض الطّرق الّتي يمكن استخدامها لتجنب الإلهاءات في العمل، وسنستعرض معكم بعض النّصائح والاستراتيجيّات الّتي يمكن أن تساعد الموظّفين والعاملين على تجنب الإلهاءات في العمل لزيادة كفاءتهم، وجودة مخرجاتهم وإطلاق العنان لإبداعهم.
أولا: ما تعريف الإلهاءات في العمل، وما طبيعة خطورتها؟
الإلهاءات في العمل هي عامل سلبيّ يؤثّر على الإنجاز لدى الأفراد والمؤسّسات، فمع وجودها وعدم التّخلّص منها فسنعاني من عدم القدرة على التّركيز والانتباه على المهمّة الموكلة إلينا بشكل كافٍ وفعّال، كما يمكن أن تؤدّي بنا إلى ارتكاب أخطاء جسيمة في العمل، وربّما إلى وقوع كوارث غير محمودة، أو التّسبّب بأضرار ماديّة فادحة، أو على الأقلّ لو كنّا محظوظين فستؤدّي إلى التّأخير في تنفيذ المهامّ، وتقليل الإنتاجيّة وضعف الأداء ومستوى جودة العمل، كما ولها تأثير سلبيّ على الرّضا الوظيفيّ، والصّحّة العقليّة والجسديّة للموظّفين والعاملين، لذا فيجب على الأفراد والمؤسّسات اتّخاذ إجراءات واعية، وتبنّي استراتيجيّات مدروسة لتجنب الإلهاءات في العمل وتحسين مستوى التّركيز والإنتاجيّة.
ثانيا: ما الواجب فعله قبل وضع خطة لتجنب الإلهاءات؟
قبل أن تبدأ بتجنب الإلهاءات، عليك أن تعرفها يا صديقي..!!
ما هي الأشياء الّتي تشغل انتباهك وتحول دون تركيزك في العمل؟
قد تكون هذه الأشياء مرتبطة بالبيئة المحيطة بك، مثل: الضّوضاء أو الحرارة أو الإضاءة، أو بالأشخاص الّذين يعملون معك أو حولك، مثل: المدير أو الزّملاء أو العملاء، أو بالأدوات والتّقنيّات الّتي تستخدمها في عملك، مثل الهاتف أو البريد الإلكترونيّ أو وسائل التّواصل الاجتماعيّ، بعد أن تحدّد أسباب الإلهاءات، يمكنك وضع خطّة للتّخلّص منها أو التّقليل منها على الأقلّ.
والآن سنبدأ العمل معا خطوة بخطوة حيث قبل أن تبدأ يوم عملك، يجب عليك أن تكتب قائمة بالمهامّ والمشاريع الّتي تريد إنجازها في ذلك اليوم، وأن ترتّبها حسب الأهميّة والعجلة بحيث تكون الخطّة واضحة ومحدّدة لأولويّاتك وأهدافك ومواعيدك في العمل، وحتّى تضمن لك الالتزام بها قدر الإمكان، يمكنك لتحقيق هذا الهدف استخدام جدول زمنيّ أو قائمة مهامّ أو تطبيق إدارة المشاريع لتنظيم وقتك ومسؤوليّاتك بشكل فعّال.
ثالثا: كيف نتجنب التشتت في العمل حتى ننجز أكثر؟
بعد تحديد مصادر الإلهاء الّتي تؤثّر عليك بشكل سلبيّ، وإعداد خطّة مهامّك اليوميّة، ستبدأ رحلتك الواعية في محاولة التّخلّص منها أو التّقليل من تأثيرها عليك، وسنذكر لك الآن -يا صديقي- بعض أسباب الإلهاءات الشّائعة مع اقتراح كيفيّة معالجتها:
1- الشّعور بالضّجر أو بالقلق أو بالإرهاق: إذا كنت تشعر بالضّجر والملل والتّعب فقد يكون من المفيد لك أن تأخذ استراحات قصيرة بين الحين والآخر للاسترخاء والتّنفس وشرب الماء أو الشّاي، كما يمكنك ممارسة بعض التّمارين الرّياضيّة البسيطة لتحسين دورة الدّم والأكسجين في جسدك وعقلك، ولا تنس أن تروّح عن نفسك بالذّهاب إلى نزهة وخصوصا في عطلة آخر الأسبوع، فالجلوس المستمرّ في المنزل وبيئة العمل سيؤدّي بك حتما إلى الدّخول بحالة ضجر وملل رتيبة وقاتلة تلهيك عن تنفيذ مهامّك.
2- التّعرّض للضّوضاء أو الازدحام أو الاضطراب في مكان العمل: إذا كنت تعمل في بيئة مزدحمة أو ملوّثة صوتيّا فقد يكون من المفيد لك أن تغيّر زجاج النّوافذ ليكون عازلا للصّوت، أو أن تغلق نافذتك أو باب مكتبك إذا كان مفتوحا، أو أن تستخدم سمّاعات الأذن كحلّ أخير لحجب الصّوت المزعج والحدّ من أثره، أو يمكنك أن تطلب من زملائك أو عائلتك احترام خصوصيّتك وخفض أصواتهم ببساطة، أو بوسعك أن تبحث عن مكان آخر يكون هادئا ومريحا لإنجاز مهامّك إن أمكن.
3- الرّسائل والمكالمات أو الإشعارات غير الضّروريّة على الهاتف أو الحاسوب: لا شكّ أنّ تلقّي الرّسائل والإشعارات بشكل متكرّر سيستنزف تركيزك ويشتّت انتباهك، ويجعلك تصرف وقتا لمتابعتها وأنت بأمسّ الحاجّة للوقت والتّركيز، لذا فقد يكون من المفيد لك أن تضع هاتفك وحاسوبك وبريدك الإلكترونيّ على وضع الصّامت أو أن تغلقها كلّها خلال ساعات العمل.
4- الانشغال بالمحادثات غير الضّرورية: قد يميل بعض الزّملاء إلى إجراء محادثات طويلة وغير ضروريّة خلال ساعات العمل بشكل يؤدّي إلى تشتيت الانتباه وخلق الإلهاءات في بيئة عملك، لذا فيجب وضع حدود واضحة لزملاء العمل والأصدقاء والأسرة، وإخبارهم بأنّك لا ترغب في المقاطعة أثناء ساعات العمل، إلّا في حالات الطّوارئ وتحديد الأوقات المناسبة للمحادثات الاجتماعيّة، وتجنّب الحديث عن المواضيع الّتي لا تهمّ العمل، كما سيساعدك أيضا تحديد وقت معيّن وثابت للاجتماعات الدوريّة، وتحديد جدول أعمال واضح ومحدّد لها في الحدّ من الإلهاءات والتّشتّت.
اقرأ ايضا : كيف تتخلّص من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي ؟
5- عدم اختيار وقت عمل مناسب: لا يمكنك تجنّب جميع الإلهاءات في كلّ وقت، لذا فعليك أن تختار وقت عمل مناسب لك، بحيث تشعر بأنّك أكثر نشاطا وقدرة على التّركيز، قد يختلف هذا الوقت من شخص لآخر ومن عمل لآخر، فبعض الأشخاص يفضّلون العمل في الصّباح، وبعضهم في المساء، وبعضهم في فترات محدّدة خلال اليوم، اِعرف جيّدا وقتك المثاليّ، واحرص على استغلاله بشكل جيّد، وأدر جدول أعمالك بحيث تقوم بالمهامّ المهمّة والصّعبة في ذلك الوقت.
6- عدم تنظيم العمل بشكل مناسب: عندما يكون العمل غير منّظم، فإنّ ذلك سيزيد من فرص التّشتيت وحدوث الإلهاءات، لذا يجب تحديد مهامّك بشكل واضح وتحديد أولوياتها، وتنظيم وقتك بشكل مناسب بناء على ذلك الأساس، مع الاحتفاظ بقائمة بالمهامّ الّتي يجب إنجازها يوميّا، وعليك تحديثها بشكل دوريّ، يمكنك استخدام تقنيّات الإدارة الزّمنيّة، مثل: “Pomodoro” والّذي يعتمد على تقسيم وقت العمل إلى فترات قصيرة ومنتظمة، ومنح نفسك فترات راحة بينها.
7- عدم التّنويع في المهامّ: يجب تجنّب العمل الرّوتينيّ الّذي يصعب التّركيز الدّائم فيه، فلا بدّ مع مرور الوقت من أن يؤدّي إلى التّعب والإرهاق السّريع، لذا فلا بد من استخدام تقنيّات التّنويع في المهامّ لجعل العمل أكثر متعة وتحفيزا.
فعلى سبيل المثال: يمكن تغيير نمط العمل أو تحديد مهامّ مختلفة بشكل متناوب، كما يمكن تحديد أوقات محدّدة للعمل على مهامّ مختلفة، وفصلها عن الأنشطة الرّوتينيّة المماثلة.
8- عدم إعطاء نفسك فترات استراحة قصيرة: قد يسبب العمل المتواصل ضغوطاً وتوتّراً على الجسم والعقل، لذا فمن المهمّ إعطاء نفسك استراحات قصيرة بانتظام للاسترخاء وتجديد النّشاط وإعادة شحن طاقتك، حيث تساعد الاستراحات القصيرة على تحسين التّركيز والإنتاجيّة، وتجنب الإلهاءات في العمل ولا سيّما ما يتعلّق بالضّجر والملل، فهي تمنح الدّماغ فرصة للتّعافي والرّاحة والتّخلّص من الرّوتين، وتمنح الجسم فرصة للاسترخاء والتّنفّس بعمق والإفراج عن التّوتّرات، اجعل استراحاتك قصيرة ومحدودة، لا تزيد عن 10 دقائق، حتّى لا تفقد زخم العمل، وستشعر بالفارق في مستوى طاقتك وإبداعك وسعادتك، جربّها وسترى!
في النّهاية:
يجب تذكّر أنّ التّركيز الجيّد هو المفتاح لزيادة الإنتاجيّة والجودة، فتجنب الإلهاءات في العمل يتطلّب منّا الكثير من التّركيز والجهد، وتحديد الأولويّات والمهامّ الأساسيّة، والابتعاد عن الانشغال بالأمور غير الضّروريّة، كما يجب تحديد وقت محدّد للمحادثات الاجتماعيّة ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وتحديد وقت محدّد أيضا للعمل على مهامّ مختلفة، فعندما يتمّ تنظيم بيئة العمل والتّركيز على المهامّ الأساسيّة، يمكن لنا وقتها تحقيق أعلى مستوى من الإنتاجيّة وجودة العمل وبالتّالي التّقدّم على سلّم الإنجاز في الحياة بثبات.
وأنتم أيّها الرّائعون في كلّ مكان يا من أتممتم قراءة هذا المقال حتّى آخره آمل أن يكون في جعبتكم أفكار رائعة مثلكم، اتركوها لنا في مربّع التّعليقات أدناه لو سمحتم، وسنعمل على إضافتها إلى مقالكم، فالمدوّنة مدوّنتكم.
لكم تحيّات فريق عمل إنجازي
بقلم صديق المنجزين:
أ. أشرف القسطي.